كيف نستوعب المعاناة؟ ثلاث طرائق
كيف نستوعب المعاناة؟ ثلاث طرائق

كيف نستوعب المعاناة؟ ثلاث طرائق

كثير من الناس مقتنعون أن الله لا يهتم بنا، وعادة ما يُقدَّم هذا المنظور على صورة سؤال: “إذا كان الله موجودًا، فلماذا يوجد هذا الكم من المُعاناة في العالم؟” هذا سؤال، لكن غالبًا ما يُقال على أنه دليل مقنع على عدم وجود إله. أولاً، دعنا نوسع من نِطاق هذا السؤال لنمنحه قوة ووضوح أكثر. “إذا كان هناك إله محب وقدير، فكيف يوجد مثل هذا الكم من المُعاناة والألم في عالمنا؟” فإما أن الله ليس قوياً بدرجة تُمكنه من التدخُل، أو أنه ليس مُهتمًا أو مُحبًا بما يكفي لوقف هذه المُعاناة.

هل الله مُحِب حقًا؟ غالبًا ما نأخذ هذا السؤال على محمل شخصي ونقول: “دعوت الله من أجل __ ولم يحدث شيء.” إن كان شعورك هكذا، فتذكر أن الله غير ملزم بالاستجابة لصلاتك أو القيام ما تريده، فهو ليس عبدًا لك.

إن الألم والمعاناة مُعضلة تواجه كافة الرؤى العالمية.

وتجدُر الإشارة إلى أن المُلحد أيضًا يجد مُشكلة في تفسير الألم والمعاناة. أولا، لأن ليس لديه قاعِدة أو تفسير للشر، فعدم وجود إله لا يعني بالضرورة عدم وجود الشر. فالشر مُجرد قوة عشوائيًة غير شخصيَّة. وهذا يعني أن أي معاناة نختبرها أو يختبرها غيرنا من الكائنات ما هي إلا طبيعة هذه الحياة، وليس لدينا بديل أخر. فالمعاناة ليس لها معنى بعيدًا عن الله، ومِن ثم فإن التركيز على “الألم والمعاناة لا يُجدي”.

التطور كنظرية لا يساعدنا في هذا؛ لأنه لا يوجد مفهوم للشر غير النجاة منه. وتقول النظرية أنه ينبغي أن تطول أعمارنا، ونصير أكثر مقاومة للأمراض، ونُنجب ذرية أقوى وأفضل عبر الأجيال. بدلًا من أن نواجه مشكلات صحية وأنواع جديدة من الحساسية لم يتعرض لها أسلافنا. وربما نتوقع أيضًا رؤية تقدمًا في التطور الأخلاقي، أو الاجتماعي لجنسنا البشري. ومع ذلك، نجد أن معظم معاناة البشرية في عالمنا اليوم ليست بسبب الكوارث الطبيعية، ولكنها نتاج الطموح البشري والحروب. لم تمر هذه النقطة على المُلحدين مرور الكِرام، فالتكنولوجيا تُطبَّق على الخير والشر سواء، إذ تُشير كل الدلائل إلى أن فيروس كورونا المُستجد هو فيروس صُنع داخل المُختبر.

يقول جوس سبيث – “لطالما اعتقدت بأن أجسم المشكلات البيئية كانت نتاج فقدان التنوع البيولوجي، وانهيار النظام البيئي وتغير المناخ. وكنت اعتقدت بأن ثلاثين عامًا من العلم الجيد كفيلة بمُعالجة تلك المُشكلات. لقد كنت مخطئًا تمامًا. إن أكثر المشكلات البيئية تفشيًا هي الأنانية والجشع واللامبالاة، ونحتاج في تعاملنا معها إلى تحول ثقافي وروحي. ونحن كعلماء لا نعرف كيف نقوم بذلك”.

لا تُساعد الأديان كثيرًا في هذا. فنجد أن الكارما في العديد من الديانات الهندية (الهندوسية، والبوذية، والجاينية، والسيخية، والطاوية) ترتبط ارتباطًا وثيقًا بفكرة الميلاد الجديد. وتُفسَّر المعاناة على أنها نتيجة لأفعال سيئة (أو نوايا) في حياة سابقة. يعمل قانون الكرمة بعيدًا عن أي إله أو حكم إلهي، والسؤال الذي يطرح نفسه على هذه العقائد هو: لماذا تُعاني الناس في شتى أنحاء العالم من الألم والمعاناة؟ من المُتوقع بعد آلاف الولادات الجديدة أن نجد أشخاص كُثر ممن فعلوا الخير بوفرة لدرجة أنهم لم يعودوا يتألمون بعد، ولكن في الواقع هُناك شيء مُحطم داخل قلب الإنسان، ولم نتحسَّن بالفعل مع مرور الأجيال.

معاناة أيوب

قد ترغب في قراءة قِصة أيوب كاملة (أيوب 1-42). كان أيوب رجلاً ثريًا، يعيش قديمًا في الشرق الأوسط، وكان رجلًا مُستقيمًا يخاف الله، وبلا لوم. اتهم الشيطان الله بشراء محبة أيوب، لذلك سمح الله له باختبار ايوب. كان لأيوب آلاف الأغنام، والإبل، والثيران، والحمير، وكانت له عائلة كبيرة. وفي يوم واحد فقد أيوب جميعها، جزء منها كان بسبب هجمات السبئيين، وجزء آخر بسبب هجمات الكلدانيين، بالإضافة إلى كارثتين طبيعيتين مختلفتين تسببتا في مزيد من الخسائر. حدث كل هذا مرة واحدة. أما أيوب فلم يخطئ، ولم ينسب لله جهالة. ولكن لم يكتف الشيطان بذلك، إلى أن أذِن له الله ودفع جسد أيوب إلى يده. تدور أحداث بقيَّة السِفر حول أيوب “وأصدقاءه” الباحثين عن إجابات. ربما يكون هذا حالكُ أنت أيضًا، باحث عن إجابات.

عاصرت الكنيسة الأولى فترة من الاضطهاد والمعاناة الشديدة. وفيها كتب يعقوب للمؤمنين اليهود يُشددهم ويؤكد لهم أن المعاناة هي فرصة لحضور الله في الموقف من خلال التحمل بصبر. “خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لِٱحْتِمَالِ ٱلْمَشَقَّاتِ وَٱلْأَنَاةِ: ٱلْأَنْبِيَاءَ ٱلَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ. هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ ٱلصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ ٱلرَّبِّ. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ كَثِيرُ ٱلرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ” (يعقوب 5: 10-11) تلك هي الغاية التي نريد الوصول إليها. يتجلى في حياة أيوب مشهد رائع خلف الكواليس، انظر إلى سبب معاناته، والنتيجة النهائية. فالنتيجة هي وصف لشخصية الله المليئة بالرحمة والرأفة.

مسيَّا مُتألم

إن المعاناة والحزن من أوصاف المسيَّا، فقد كُتب قبل ما يزيد عن 600 سنة من ميلاد المسيح أنه لن يحكُم من قصر لا يعرف الألم له طريق، ولكنه سيختبر مُعاناتنا ذاتها ولكن بعمق أكثر. لا يعلم الله آلامنا فحسب، ولكنه يحمل أحزاننا ويتحمل أوجاعنا. (اشعياء 53: 1-9) هذه النبوة عن المسيَّا قالها أشعياء النبي قبل المسيح بحوالي 700 سنة. يسوع هو الذي أثبت أن الله يهتم بك، وقد قال هذا عن نفسه”لِأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ ٱللهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ” (يوحنا 3: 16). يتضح من السياق أن كلمة “بذل” تدُل على ذبيحة من جانب الله، وجُملة “حتى لا يهلك” تُشير إلى أن هذه مهمة إنقاذ، فأنت جزء من هذا العالم، ويقول الله لك أنك بحاجة إلى الخلاص، فمن فضلك حاول كتابة اسمك مع مَن ينالوا الخلاص “لأنه هكذا أحب الله __“. فارتوي من هذا النبع … الله يريد علاقة معك! لكن ينبغي أن تكون هذه العلاقة بشروطه هو وليس بشروطك أنت.

لدي سؤال أو تعليق

مشكلتك؟ الشر. كيفية علاج السرطان الروحي

ليست مشكلتك وحدك، بل مُشكلة البشرية كُلها. آمل أن تكون قد اطلعت بالفعل على منشوراتنا بشأن الفرح والسلام والهدف، وقرأت إحدى رحلاتنا إلى الحياة. ربما بحثت في بعض المنشورات عن الواقعيَّة، ووجهات النظر الدُنيوية الجوفاء، والأسباب الوجيهة للإيمان بالله. الآن تريد الله في حياتك. إن لم تُريد، فعليك بإلقاء نظرة …

كيف تعرِف إنْ كان الله موجودًا أم لا: خمسة أسئلة

تخبرنا كلمة الله بأن الله محبة، وأنه أحب العالم (أنا وأنت) كثيرًا لدرجة أنه أرسل ابنه الوحيد ليُخلصنا، ويدفع ثمن خطايانا. لقد أعطانا مثالاً لحياتنا، لعلاقتنا معه ومع الآب، وأعطانا بره. يوجد كثيرون ممن ينكرون وجود إله، آخرون يقولون إن وجود إله لن يُضيف شيء، والبعض الآخر لا يزال يريده …