وتقودنا هذه النظرة الدنيوية إلى الاعتقاد بأن وجودنا مادي بحت ليس أكثر، وأن تراكم الثروات وما يتعلق بها يؤدي بنا إلى الإشباع. المادية هي في الحقيقة ديانة علمانية. وتوضح هذه النظرة الدنيوية أغنية مادونا -“Material Girl”- التي حققت نجاحًا كبيرًا عام 1984. فهذه هي الطريقة التي تشرح بها وجهة نظرها، “لأن الفتى الذي يملك المال هو دائمًا الرجل الصحيح”.
الهدف هو تحقيق أقصى استفادة من الحياة، أليس كذلك؟ وهذا يعني أن هدفك هو الاستحواذ بقدر ما تستطيع. وهذه النظرة الدنيوية تُحرَّك كثير من الناس في كل من البلدان المتقدمة والنامية، وهذه الرغبة في المزيد هي إدمانًا بكل ما تحمله الكلمة من معاني. عندما سُئل “جون دي روكفلر” – أغنى رجل في العالم “ما المقدار الكافي من المال؟” أجاب قائلًا “أكثر قليلًا”. الثروة لا تشبع، وهٌناك دائمًا المزيد في الحياة.
أنشأ “أبراهام ماسلو” التسلسل الهرمي للاحتياجات البشرية في ورقته البحثية عام 1943 والتي تحمل عنوان “نظرية التحفيز البشري”. تبدأ هذه الاحتياجات بالاحتياجات المادية التي تتعلق بالسلامة. وعند تلبية هذه الاحتياجات، يمكن أن ينتقل دافعنا إلى مستويات أعلى مثل المحبة والانتماء والاحترام وتحقيق الذات. لكن المادية تسمح للسلع المادية بتوجيه الأولويات عبر الهرم. فيُعتقد أن المال هو الذي يُحدد النجاح (التقدير)، ويجعل المرء محبوبًا، ويحل مشكلات الأمان (الأمان الاجتماعي).
يمكن للمال تحقيق الكثير من الخير، ولكنه يصنع مُخلصًا ضعيفًا. وقد أشار الرب يسوع إلى أنه “لا يمكنك أن تخدم الله والمال”، فهما سيدان متناقضان. يُنسب إلى قول “ماسلو” أيضًا إنه إذا كانت أداتك الوحيدة هي المطرقة، فإن كل شيء يبدأ في الظهور كأنه مسمار، وهو مثل مناسب لوجهة النظر هذه للحياة. ومع أننا نعيش بالفعل في عالم مادي، فهو أكثر من ذلك بكثير.
المادة هي كل شيء: أنت موجود بالصدفة
“الكون هو كل ما كان، أو يكون، أو سيكون” – كارل ساغان يقول المذهب الطبيعي إن ما يمكن اختباره وإثباته بالعلم هو وحده الحقيقي. وعندما تتوقف وظائفي البيولوجية، أتوقف “أنا” عن الحياة. وينتهي الأمر. لذلك فالغاية هُنا هي زيادة الحياة البيولوجية كماً ونوعاً. نحن نحتفي بالتطورات في مجال الاتصالات، والنقل، …